في مهرجان الجونة، بعض النجمات قدّمن فنّ الأناقة… وأخريات قدّمن عرضًا مجّانيًا للابتذال.
لم يكن مهرجان الجونة السينمائي هذا العام عرضًا للأزياء بقدر ما كان مرآةً لوعي النجمات… أو غيابه.
فبعد إعلان إدارة المهرجان عن توجيهات تحثّ على احترام الذوق العام وعدم المبالغة في اللباس،
ظنّ البعض أن الوقت قد حان لاستعادة الرقيّ العربي على السجادة الحمراء.
لكنّ المشهد، كالعادة، انقسم بين من أدرك قيمة الاحترام، ومن ظنّ أن “التفصّخ” هو بطاقة المرور إلى الشهرة.
هناك من احترمن المكان، فاحترمهنّ الناس.
رأينا نجمات قدّمن جمالًا لا يجرّح، وأناقة لا تستعرض.
إطلالات أنثوية رصينة، فيها ذوق وفهم للمساحة التي يقفن عليها.
هؤلاء لم يرضين أن يتحوّلن إلى عناوين في صفحات الفضائح،
بل إلى رموز للجمال الحقيقي الذي لا يحتاج إلى صخبٍ كي يُرى.
أثبتن أن الأناقة ليست معركة مع الملابس، بل اتفاق مع النفس.
لكن هناك من خسرن البريق أمام المرايا.
بعض الفنانات قرّرن ببساطة أن يُحوّلن السجادة الحمراء إلى صالة تحدٍّ أخلاقي.
إطلالات أشبه بعناوين استفزاز، تُسابق الهواء لتثبت أن “هوليوود” تسكن فينا.
لكن الحقيقة المؤلمة أن هوليوود نفسها تجاوزت هذا النوع من الاستعراض منذ زمن.
ما زلن يعتقدن أن “التعرّي” هو الحداثة، وأن التجرّد من القماش تجرّد من القيود.
ولا يدركن أن أكثر ما يفضح الجهل هو أن يتخفّى خلف كلمة “حرية”.
الحرية لا تعني أن نُثير اشمئزاز الناس تحت شعار الجرأة.
الذوق لا يُقاس بعدد القصّات المفتوحة،
ولا الجمال يُختصر في جسدٍ ممدودٍ على السجادة الحمراء كلوحة بلا مضمون.
حين تفقد الفنانة احترام المكان والجمهور، تفقد قيمتها حتى لو صفق لها الجاهلون.
احترام الجمهور ليس خيارًا… بل واجب.
لن نطلب من الفنانة أن تلبس السواد أو تخفي أنوثتها،
لكننا نطلب منها أن تحترم حقيقة بسيطة:
أنها تقف أمام ملايين يشاهدونها، أطفالًا ونساءً وشبابًا،
وأن ظهورها لا يمثّل نفسها فقط، بل صورة المرأة العربية كلها.
أنوثتك لا تحتاج أن تُصدم لتُرى،
وذكاؤك لا يُقاس بمدى قدرتك على خرق القواعد،
بل بقدرتك على أن تبهري دون أن تجرحي.
ليس كل ضوءٍ يُبهر… بعضه يُعمينا.
الفن لا يعيش بالجلد المكشوف، بل بالفكر المكشوف.
وكل فنانة اختارت أن تُعرّي ذوقها قبل جسدها،
ستكتشف لاحقًا أن الصورة التي تصنعها اليوم ستظلّ تلاحقها طويلًا…
لكن ليس كما أرادت.
بقلم صاحبة الرداء الأحمر.
“حين تُصبح الجرأة غاية، تضيع الرسالة.”
رأي زوين:
في زوين، نحن لا نكتب ضد المرأة، بل ضد الابتذال الذي يُهينها باسم الحرية.
نرى أن السجادة الحمراء ليست ساحة معركة بين المحافظين والمتحرّرين،
بل مسرحٌ يُختبر فيه الذوق، والفكر، والاحترام.
نُقدّر النجمات اللاتي يرفعن صورة المرأة العربية برقيّ،
وننتقد — بلا مجاملة — كل من تخلطن بين الشهرة والضوضاء،
لأن الضوء الحقيقي… لا يحتاج أن يتعرّى.








